عرض مشاركة واحدة
   
قديم 25-02-2008, 01:01 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو

الصورة الرمزية النجـــــم

إحصائية العضو






النجـــــم is on a distinguished road

 

النجـــــم غير متواجد حالياً

 



الاوسمة

كاتب الموضوع : النجـــــم المنتدى : قوافل حقوق الإنسان
افتراضي الفصل الثاني

الفصـل الثانــي
حقوق الإنسان الأساسية في المملكة
يتبنى هذا التقرير المفهوم الواسع لحقوق الإنسان، ويقتضي ذلك التعرض لكل حق من هذه الحقوق على حده لبيان الأساس القانوني لحمايته في المملكة، وتقييم وضع هذا الحق، من خلال ما رصدته الجمعية وتابعته. ويشمل المفهوم الواسع لحقوق الإنسان، حقوقا أساسية، وحقوقا مدنية، وحقوقا سياسية، وحقوقا اجتماعية. ونبدأ في هذا الفصل الحديث عن الحقوق الأساسية التي تتضمن ثلاثة حقوق:

1- الحق في الحياة :

اعتبرت الشريعة الإسلامية التعدي على النفس الإنسانية تعدياً على الجنس البشري بأكمله لأنه تهديد لهذا الوجود الذي خلقه الله. والحق في الحياة هو الحق الذي تبدأ به كل الحقوق، فبوجوده يوجد الإنسان. ولذلك نجد هذا الحق قد كرسته الشريعة الإسلامية في قوله سبحانه: (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس)[المائدة:32]،ثم تبين الآيات خطورة الاعتداء على هذا الحق وما يستحقه القاتل من عقاب، قال تعالى: (أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم(33) إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم) المائدة (33-34)، ويقول جل شأنه:(لا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً) [الإسراء:33]، ومما ورد عن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَوله: «لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً».

أما فيما يتعلق بتنظيم تفاصيل هذا الحق فقد تولى الفقه الإسلامي الاجتهاد بشأنها على اختلاف مذاهبه، والرأي مستقر على أن الاعتداء على هذا الحق يرتب حقاً خاصاً لذوي المقتول وحقاً عاماً، ويعتبر الحق الخاص هو الغالب، ولذلك يسقط الحق في القصاص إذا عفا أو تنازل ذوو المقتول وهو ما تشجع عليه الدولة.

ويستند هذا الحق أيضاً إلى عدة مواثيق واتفاقيات دولية كالمادتين الثالثة والخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان اللتين تنصان على أن:«لكل فرد حق في الحياة» و«لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أواللاإنسانية أو الماسة بالكرامة»، ونصت على ذلك أيضاً المادتان الخامسة والسادسة من اتفاقية الميثاق العربي لحقـوق الإنسان: «الحق في الحياة حق ملازم لكل شخص. يحمي القانون هذا الحق، ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا»، «لا يجوز الحكم بعقوبة الإعدام إلا في الجنايات بالغة الخطورة، وفقاً للتشريعات النافذة وقت ارتكاب الجريمة وبمقتضى حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة، ولكل محكوم عليه بعقوبة الإعدام الحق في طلب العفو أو استبدالها بعقوبة أخف».

ومن الواضح إذاً أن القصاص أو (الإعدام) أمر نصت عليه الشريعة الإسلامية، فهو جزء من أحكام ذات قيمة دستورية في المملكة، بحيث لا يمكن لأي اتفاقية دولية تنهى عن القصاص أو الإعدام، أن تطبق في المملكة. ولا مجال بالتالي لتطبيق الفقرة السادسة من المادة السادسة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في حال انضمام المملكة إليه. والمملكة تطبق عقوبة الإعدام على الجرائم الكبيرة وتعلن عن ذلك. وعقوبة الإعدام محاطة في المملكة بكثير من الضمانات الشرعية الموضوعية والإجرائية. ومن الضمانات الموضوعية عدم جواز الحكم بعقوبة القتل إذا وجدت شبهة في نسبة الجريمة إلى المتهم. ومن الضمانات الإجرائية ضرورة صدور الحكم بالقتل من ثلاثة قضاة في المحكمة العامة، وللمحكوم عليه حق الاعتراض. ثم يرفع الحكم إلى محكمة التمييز والتي تنعقد الدوائر الجزائية فيها من خمسة قضاة لتأييد الحكم أو نقضه أو الملاحظة عليه. ثم لابد من مصادقة مجلس القضاء الأعلى على الحكم، وإلا أعيدت القضية لإعادة النظر فيها من قبل قضاة آخرين. كما أن الحكم بالقتل لا ينفذ إلا بعد تصديق الملك أو من ينيبه عليه. ويشترط في من تطبق عليه عقوبة الإعدام أن يكون بالغا عاقلا مختارا غير مكره وهذه العقوبة لا تنفذ على الحوامل أو القصر.

على أنه ينبغي ملاحظة أن تنفيذ عقوبة القتل قصاصا هو حق لولي الدم وليس للدولة. ولذلك إذا عفا هذا الأخير عن القاتل فلا توقع عليه عقوبة القتل. وتشجع الدولة وتسعى مع بعض أهل الخير لإسقاط عقوبة القصاص، سواء بدية أو عوض، أو بالعفو لوجه لله تعالى، بل قد يتدخل بعض كبار المسئولين ورجال الدولة لتقديم المساعدات لأهل المجني عليه بغية حثهم على العفو عن الجاني. وكثيراً ما نجحت الدولة وأهل الخير في التقريب بين الطرفين بعقد الصلح وإيقاف عقوبة القصاص. وقد رصدت الجمعية العديد من الحالات التي تم فيها العفو عن القاتل ولم ينفذ حكم الإعدام فيها. ولم يرد إلى الجمعية أي شكوى أو بلاغ ولم ينم إلى علمها اختفاء أحد لأسباب سياسية أو لتصفيته. كما لم يرد إليها معلومات عن جرائم إبادة جماعية.

والشريعة الإسلامية تمنع الإجهاض وتعتبره اعتداء على حياة الجنين، ويعاقب من يتسبب فيه، إذ هو إزهاق لحياة. وهو ما أكدت عليه المادة 22 من نظام مزاولة المهن الصحية التي تحظر على الطبيب إجهاض المرأة الحامل إلا إذا اقتضت ذلك ضرورة إنقاذ حياتها. كما تلزم المادة الخامسة من نفس النظام الطبيب بممارسة مهنته لصالح الفرد والمجتمع في نطاق احترام حق الإنسان في الحياة وسلامته وكرامته. كما تحظر المادة 19 من نفس النظام إنهاء حياة المريض الميؤوس من شفائه ولو كان ذلك بناء على طلبه أو طلب ذويه. ويتعلق بالحق في الحياة، الحق في عدم التعذيب، أو المعاملة المهينة، والذي نتطرق إليه فيما يلي:

التعذيب هو إهدار لقيمة عظيمة من قيم الإسلام وهي كرامة الإنسان. فلا يجوز شرعاً انتزاع اعترافات تحت وطأة التعذيب أو المعاملة غير الإنسانية إعمالاً لقوله تعالى:(ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً)[الإسراء:70]، ونهت المادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عن المساس بهذا الحق بقولها: «لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أوغير الإنسانية أو الحاطة بالكرامة» وقد كرست حماية هذا الحق اتفاقية «مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة»، كما نصت الفقرة الأولى من المادة الثامنة من الميثاق العربي لحقوق الإنسان على أنه: «يحظر تعذيب أي شخص بدنياً أو نفسياً أو معاملته معاملة قاسية أو مهينة أوحاطة بالكرامة أو غير الإنسانية» وعلى صعيد الأنظمة الداخلية، نهت عن ذلك صراحة المادة الثانية من نظام الإجراءات الجزائية بقولها: «لا يجوز القبض على أي إنسان، أو تفتيشه، أو توقيفه، أو سجنه إلا في الأحوال المنصوص عليها نظاما، ولا يكون التوقيف أو السجن إلا في الأماكن المخصصة لكل منها وللمدة المحددة من السلطة المختصة ويحظر إيذاء المقبوض عليه جسدياً، أو معنوياً، كما يحظر تعريضه للتعذيب أو المعاملة المهينة للكرامة»، كما حظر نظام السجن والتوقيف الاعتداء على المسجونين أو الموقوفين بأي نوع من أنواع الاعتداء وتتخذ إجراءات التأديب ضد الموظفين المدنيين أو العسكريين الذين يباشرون أي عدوان على مسجون أو موقوف...

وقد ورد للجمعية شكاوى عن وجود تجاوزات من بعض أفراد جهات القبض مثل قطاع المخدرات أو المباحث أو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث يقوم بعضهم بالاعتداء على الموقوفين أو المسجونين مخالفين بذلك ما ورد من توجيهات شرعية ونظامية تقضي بالمحافظة على حقوق هؤلاء حتى ولو كانوا مدانين لأن هذه الاعتداءات تمثل انتهاكات لحقوق الإنسان وخرقاً للأنظمة المحلية والاتفاقيات الدولية.

كما رصدت الجمعية قيام بعض العاملين بالسجون بمعاقبة بعض السجناء داخل السجن بعقوبات لم ينص عليها النظام وإنما عرفت في دهاليز السجون من غسل لدورات المياه، أو الحبس الانفرادي بما يتجاوز المدد المسموح بها نظاماَ، أو عدم السماح للسجين بالخروج من العنبر الذي يسجن فيه إلى الساحات الخارجية داخل السجن، والحرمان من النوم، أو ربط يديه بشبك النوافذ أو الممرات وما إلى ذلك من تجاوزات يحظرها نظام السجون، كذلك رصدت بعض التعديات على الموقوفين في دور التوقيف والسجون إما لإجبارهم على الاعتراف أو للحصول على معلومات قد تفيد بالتحقيقات. كذلك تلقت الجمعية بعض الشكاوى من بعض الموقوفين يدعون تعرضهم للضرب والإهانة من قبل رجال المباحث العامة، وبهدف حماية الموقوفين من التعرض للتعدي أو المعاملة المهينة ترى الجمعية ضرورة تضمين نظام الإجراءات الجزائية نصا يخول المتهم أو محاميه أو أحد أقاربه المطالبة بإجراء فحص طبي فوري في حالة الادعاء بالتعرض للتعذيب ومنح ديوان المظالم الاختصاص في نظر تلك الادعاءات مع إيقاع عقوبات رادعة على من تثبت في حقه مسؤولية ارتكاب التعذيب مع اتخاذ الإجراءات الحازمة لمنع التعذيب بما في ذلك عدم الاعتماد على الاعترافات التي قد تكون انتزعت بالتعذيب، وتخويل ديوان المظالم النظر في الادعاءات المتعلقة بإجبار السجناء على الصمت عند حضورهم للمحاكم، وعدم كشف ما قد تعرضوا له من تعذيب كشرط لإطلاق سراحهم.

كذلك رصدت الجمعية قيام بعض الأجهزة باقتحام البيوت، أو تفتيشها دون إذن أصحابها أو إذن كتابي من الجهة المختصة كما يستلزم النظام. ولم تعلم الجمعية أنه جرى تنفيذ عقوبات محددة ومعلنة للأشخاص الذين يتجاوزون هذه النصوص سواء بعزلهم أو بإيقافهم عن العمل أو توقيع أية عقوبة إدارية أخرى عليهم. لكن رصدت الجمعية أنه في حالة قيام الأشخاص الذين وقع عليهم التعدي أو التجاوز برفع شكوى إلى المسئولين الأعلى في الجهاز فإن هناك تجاوباً ويتم التحقيق في الموضوع، رغم أنه في غالب الأحيان يعتمد على أقوال من صدر منه التعدي أو التجاوز، علما أن مثل هذه التجاوزات تشكل في حد ذاتها في حالة ثبوتها جرائم تستوجب إحالة المتجاوزين إلى القضاء وإنزال العقاب بهم.

وليس أمر هذه التجاوزات قاصراً على بعض منسوبي الأجهزة الحكومية، بل إن الجمعية رصدت تجاوزات تحدث من بعض المواطنين الذين يتعدون على هذا الحق الأساسي للعمالة الأجنبية، ويتعسفون في استخدام نظام الكفالة بالضغط على العامل الأجنبي، وهو ما يشكل ظاهرة سلبية، ترى الجمعية أن حلها يكمن في إعادة النظر في نظام الكفالة.

وقد رصدت الجمعية أشكالاً من المعاملة السيئة تصدر من بعض موظفي الدولة في تعاملاتهم مع الجمهور، وتفشي ظاهرة «الواسطة» مما يتطلب مراقبة سلوك الموظفين من قبل رؤسائهم ومحاسبة كل من يثبت تقصيره أو تجاوزه.

2- الحق في المساواة:

مبدأ المساواة أمام القانون بين الناس بغض النظر عن الجنس أو الجنسية أو العرق أو اللون أو الدين حق كفلته الشريعة الإسلامية والاتفاقيات الدولية. فقد أقرت الشريعة الإسلامية المساواة بين الناس جميعاً بغض النظر عن اختلاف الأصول والسلالات العرقية والقيم الإنسانية، فلا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى قال تعالى : ﮋﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮋ ﭼﮊ[الإسراء:69]، وقال تعالى: ﮋﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭯ ﭼﮊ [النساء:1]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مشيراً إلى مبدأ المساواة في الإسلام : «يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أبيض ولا لأبيض على أحمر فضل إلا بالتقوى ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد، ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب».

وتشير إلى هذا الحق العديد من مواد الإعلان العالمي لحقوق لإنسان مثل المادة السابعة: «الناس جميعا سواء أمام القانون، وهم يتساوون في حق التمتع بحمايةالقانون دونما تمييز، كما يتساوون في حق التمتع بالحماية من أي تمييز ينتهك هذاالإعلان ومن أي تحريض على مثل هذا التمييز»، كما نصت على هذا الحق اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في العديد من موادها مثل المادة الخامسة التي تنص على أن : «تتعهد الدول الأعضاء في هذه الاتفاقية بتحريم التفرقة العنصرية بجميع أشكالها والقضاء عليها وضمان حق كل فرد في المساواة أمام القانون دون أية تفرقة من حيث الجنس أو اللون أو الأصل القومي أو العنصري...»، ونصت المادة الحادية عشرة من الميثاق العربي لحقوق الإنسان على أن: «جميع الأشخاص متساوون أمام القانون ولهم الحق فيالتمتع بحمايته من دون تمييز».وتنص المادة الثامنة من النظام الأساسي للحكم على قيام: «الحكم في المملكة العربية السعودية على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية».

وقد رصدت الجمعية ممارسات بعض فئات المجتمع التي تتضمن التفرقة بين مواطني الدولة على أساس المنطقة أو القبيلة أو المذهب أو الأصل مما يهدد وحدة الشعب ويؤثر سلباً على مفهوم الانتماء إلى الوطن كما يعزز العصبية والانتماء إلى جماعات عرقية أو إقليمية، وذلك رغم ما تبذله الدولة من جهود كبيرة في سبيل محو هذه العادات التي تتنافى مع قيم الدين الإسلامي. ويتطلب العلاج أولاً التوعية بمدى فداحة هذه الأمور ومخالفتها لقيم الدين الإسلامي، وثانيا سن عقوبة نظامية تطبق على من يصدر عنه أفعال أو أقوال ماسة بالمساواة. وليس هذا الأمر جديداً فقد عرفت الشريعة الإسلامية حالات عديدة عوقب فيها من تكبر وانتقص غيره بأصله أو لونه أو بعرقه. وثمة مظاهر أخرى دالة على الإخلال بهذا الحق، تم رصدها ومنها:

أ- عدم المساواة في الحصول على عمل :

تفرض المادة 28 من النظام الأساسي للحكم، على الدولة تيسير مجالات العمل، ونظام الخدمة المدنية ينص على أن الجدارة هي الأساس في اختيار الموظفين لشغل الوظيفة العامة، وأن الدولة تفرض على الجهات أن لا تقبل توظيف أشخاص إلا بعد دخولهم «مسابقة وظيفية» لدى وزارة الخدمة المدنية، إلا أنه تم رصد بعض الجهات الحكومية التي لا تقوم بهذا الإجراء مع الأشخاص الذين يتقدمون إليها للتوظيف. كما أن معيار التوظيف يختلف بين التخصصات المتقدمة، فتارة يقبل من هو أقدم في التقديم وتارة يقبل من هو أكثر في الخبرة أو الأعلى في المعدل، وتارة أخرى تدخل وساطات لتعيين من يملك معرفة مع أشخاص لهم نفوذ بحكم وظائفهم أو وضعهم الاجتماعي. كما رصدت الجمعية أن الإعلان عن بعض الوظائف العامة لا يتم بالشكل النظامي في جميع الحالات، وأن نظام وظائف بند الأجور بعقد سنوي، يتجدد تلقائياً وبرواتب بسيطة رغم أن الموظفين الخاضعين له يقومون بنفس الأعمال التي يقوم بها نظرائهم المعينين على سلم نظام الخدمة المدنية، وينتظر أن يتحسن هذا الأمر بعد صدور المرسوم الملكي القاضي بتعديل أوضاع الموظفين والموظفات المعينين على بند الأجور وذلك بإعادة تعيينهم على حسب مؤهلاتهم في سلم الوظائف العامة.كما رصدت الجمعية بعض التمييز بين السليم والمعاق جسدياً من ناحية قبوله في العمل والدراسة، حيث لا يجد المعاق قبولا في أكثر الوظائف العامة وحتى تلك التي لا تحتاج إلى مجهود جسدي، مما يؤثر على نفسيته ويجعله بمعزل عن المجتمع رغم دعم الدولة للمعاقين وفرضها على المنشآت تحقيق نسب معينة من الموظفين المعاقين. وكذلك سن نظام خاص برعاية المعوقين صدر بموجب المرسوم الملكي رقم م/37 وتاريخ 23/9/1421هـ يعنى بكفالة حقوق المعوقين.

ب- عدم المساواة ببين المواطن والمقيم :

رصدت الجمعية فروقا كبيرة بين المواطن والمقيم من حيث الحقوق والحريات، فحرية المقيم أكثر تقييداً من المواطن خاصة بالنسبة لحق التنقل بين المدن أو في حالة سفره وعودته إلى البلاد. كما انه ليس للمقيم الحق في الرعاية الصحية بالمستشفيات العامة بالمجان أسوة بالمواطن إلا بعد المرور بالكثير من الإجراءات الروتينية، ولعل نظام الضمان الصحي الإلزامي يحقق توفير الرعاية الصحية للمقيمين.كما رصدت الجمعية في بعض الحالات المعروضة على أقسام الشرطة، تعدي بعض المواطنين على كرامة بعض المقيمين وخاصة الخدم ومن في حكمهم بشكل غير مقبول مثل السب أو الضرب، بسبب المطالبة بالحق المالي الناتج عن العمل، وفي نفس الوقت رصدت الجمعية، قيام بعض منسوبي الشرطة بالتعدي علي المقيم بالضرب أو الحبس لمدة يوم أو يومين دون مسوغ نظامي «تأديباً» له على مخالفات بسيطة، وقد يتعدى ذلك إلى عقوبة تبعية أو تكميلية وهي عقوبة الإبعاد عن الدولة والترحيل، سواء بعد صدور حكم قضائي على المقيم أو بعد ارتكابه مخالفة نظامية، ومن الضروري، قيام وزارة العمل، بضبط هذه الإجراءات بما يحول دون التعسف في استخدامها مع أهمية توعية المقيمين بحقوقهم وواجباتهم والعقوبات المفروضة في حال ارتكاب أي مخالفات. ويعتبر توزيع كتيب، يحوي ملخصاً بالحقوق والواجبات، على المقيمين أمرا ضروريا، ففي ذلك حفظ لحقوق الدولة والمواطن والمقيم وتوفير للوقت والجهد الذي يقتضيه التعامل مع المخالفات النظامية، وحسنا فعلت وزارة العمل بقيامها بجهود في هذا الشأن.

ورغم أن حق المقيم في تملك العقار أو السكن، بينه نظام تملك غير السعوديين للعقار الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/5 وتاريخ 27/4/1421هـ، إلا أنه غير مكفول بشكل طبيعي، فهو مقيد بحالات قليلة محددة نص عليها هذا النظام، مما يضطر بعض المقيمين إلى التملك بأسماء سعوديين مما يجعلهم عرضة لمشكلات عديدة. بالرغم من أن المادة 18 من النظام الأساسي تنص على أن الدولة تكفل حرية الملكية الخاصة وحرمتها, ولا ينزع من احد ملكه إلا للمصلحة العامة على أن يعوض المالك تعويضا عادلا,كما تحظر المادة 19من النظام نفسه المصادرة العامة للأموال، ولا تكون عقوبة المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي.

ويعتبر التمييز بين المقيمين بحسب جنسياتهم، وليس بحسب كفاءتهم أو مؤهلاتهم في بعض الحالات مخالفة شرعية وقانونية فعلى سبيل المثال نجد أن القواعد التي تنظم الاستعانة بأعضاء هيئة التدريس غير السعوديين في الجامعات السعودية تنص على هذه التفرقة من ناحية الراتب بنص قانوني لا مبرر له. علما أن المملكة العربية السعودية قد صادقت على الاتفاقية رقم 100 لعام 1951م الصادرة عن منظمة العمل الدولية بشأن مساواة العمال والعاملات في الأجر وعلى الاتفاقية رقم 101 لعام 1958م الصادرة عن نفس المنظمة بشأن منع التمييز في الاستخدام والمهنة.

3- الحق في الحرية :

نهت الشريعة الإسلامية عن تعريض حرية الإنسان للحبس،أو تقييدها دون مسوغ شرعي أو قانوني ومنعت الظلم بين الناس، كما ورد في الحديث القدسي: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا»، وقال r: «اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة» وقال: «من أعان على خصومة بظلم فقد باء بغضب الله عز وجـل» وقال عمر بن الخطاب t: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً» والحبس يعد من قبيل الظلم للإنسان وبذلك لا يجوز التعدي على حريته إلا بما يوجب ذلك نظاماً أو شرعاً.

وجاء في المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: «يولد جميع الناس أحراراومتساوين في الكرامة والحقوق وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهمبعضا بروح الإخاء»، كما نصت المادة الثالثة من الإعلان على أنه: «لكل فرد حق في الحياة والحرية وفىالأمان على شخصه»، وجاء في الفقرتين الأولى والثانية من المادة الرابعة عشر من الميثاق العربي لحقوق الإنسان«لكل شخص الحق في الحرية وفي الأمان على شخصه، ولايجوز توقيفه أو تفتيشه أو اعتقاله تعسفا وبغير سند قانوني و لا يجوز حرمان أيشخص من حريته إلا للأسباب والأحوال التي ينص عليها القانون سلفاً وطبقاً للإجراءالمقرر فيه»، وقد أشار إلى ذلك النظام الأساسي للحكم في مادته (36) حيث نص على: «عدم تقييد تصرفات أحد أو توقيفه أو حبسه إلا بموجب أحكام النظام»، وعلى ذلك نصت العديد من مواد نظام الإجراءات الجزائية.

وبذلك يتضح كفالة القواعد الشرعية والقانونية لعدم التعرض لحرية الإنسان إلا بما ورد وفقاً للأنظمة، كما أوجبت الأنظمة ألاّ يحبس الإنسان إلا في الأماكن المخصصة لذلك ويكون تحت المراقبة والملاحظة.

وقد رصدت الجمعية أن بعض جهات القبض والتي ذكرها نظام الإجراءات الجزائية لا تراعي الأحكام الخاصة بالسجن والتوقيف وتنتهك بذلك حقوق السجين والموقوف، سواء أكانت تلك الجهات جهات أمنية تابعة لوزارة الداخلية أو كانت جهات مستقلة خولها نظامها القيام بالقبض والتوقيف والاستجواب، مثل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الصادر نظامها عام 1400هـ والذي منحها صلاحيات واسعة تتمثل في: «إرشاد الناس، ونصحهم لإتباع الواجبات الدينية المقررة في الشريعة الإسلامية، وحمل الناس على أدائها وكذلك النهي عن المنكر بما يحول دون ارتكاب المحرمات والممنوعات شرعاً، أو إتباع العادات والتقاليد السيئة أو البدع المنكرة، ولها في سبيل ذلك كله اتخاذ الإجراءات، وتوقيع العقوبات المنصوص عليها في هذا النظَام، (المادة 9) القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بكل حزم وعزم مستندة إلى ما ورد في كتاب الله وسنة رسوله ومقتدية بسيرته rوخلفائه الراشدين من بعده، والأئمة المصلحين في تحديد الواجبات والممنوعات، وطرق إنكارها، وأخذ الناس بالتي هي أحسن، مع استهداف المقاصد الشرعية في إصلاحهم. (المادة 10) وتقوم هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بضبط مرتكبي المحرمات أو المتهمين بذلك، أو المتهاونين بواجبات الشريعة الإسلامية، والتحقيق معهم، على أن يشترك في التحقيق مندوب من الإمارة المختصة، وفي الأمور المهمة التي تحدد بالاتفاق بين كل من وزير الداخلية، والرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف. (المادة 11) للهيئة حق المشاركة في مراقبة الممنوعات مما له تأثير على العقائد، أو السلوك، أو الآداب العامة مع الجهات المختصة، وطبقاً للأوامر والتعليمات وتحدد، اللائحة كيفية مشاركة الهيئة في المراقبة. (المادة 12) ورغم أن الأهداف التي أنشئت من اجلها الهيئة لاغني للمجتمع عنها إلا أن الصلاحيات المخولة لها صيغت بشكل واسع دون تقييد (الحيلولة دون إتباع العادات والتقاليد السيئة) (القيام بواجباتها بكل حزم وعزم) وهو ما قد يتسبب في تجاوزات بعض منسوبي الهيئة بقصد أو بدون قصد، مما يتطلب إعادة صياغة اختصاصاتها بلغة دقيقة بما يضمن عدم إساءة استخدام السلطة المخولة للهيئة من قبل بعض منسوبيها بشكل يترتب عليه انتهاك لحقوق الإنسان. وقد تلقت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان مجموعة من الشكاوى ضد الهيئة يظهر منها عدم التزام منسوبي الهيئة بنظام الإجراءات الجزائية وما تضمنه من ضوابط عند التوقيف والتحقيق ومن أبرزها ما نصت عليه المادة الثانية التي تحظر الإيذاء الجسدي أو المعنوي كما تحظر التعذيب، والمعاملة المهينة للكرامة، ويمثل هذا التجاوز الذي يعد اعتداءً على الكرامة الإنسانية القاسم المشترك للشكاوى المقدمة ضد الهيئة.

ومن أبرز ما تضمنته الشكاوى من تجاوزات:

§ التلفظ بعبارات مسيئة وتوجيه الإهانات والتهديد والملاحقات بالسيارة والتسبب في الإحراج من خلال توجيه التهم في الأماكن العامة أمام نظر الآخرين.

§ الإيذاء الجسدي بالضرب واستخدام القوة لأخذ من يتم إيقافه إلى مراكز الهيئة وممارسة العنف خلال التحقيق والتفتيش الشخصي غير المبرر.

§ الاعتداء على الممتلكات الشخصية وخاصة أجهزة الجوال والسيارة وتفتيش هذه الممتلكات بطرق تتسبب في انتهاك الخصوصية وكذلك الاعتداء على المنازل وانتهاك حرمتها بشكل يتعارض كلية مع ما ورد في النظام الأساسي للحكم وكذلك في نظام الإجراءات الجزائية.

§ ممارسة الضغط للتوقيع على اعترافات وإدانة النفس واشتراط التوقيع عليها كشرط لإطلاق السراح بالإضافة إلى عدم السماح للمقبوض عليه بالاتصال بذويه.

و لعل من بين الضوابط المفيدة، التزام منسوبي الهيئة بلباس رسمي مميز لهم أثناء تأدية عملهم حيث أن ممارسة سلطتهم، بملابس مدنية يعد مصدرا رئيسا لحالة الخوف التي تصيب المواطنين والمقيمين حيث قد يتعرض احدهم للتوقيف في أي لحظة دون مبرر، كما أن اللباس الرسمي المميز للأعضاء سيساهم في عدم الإساءة للهيئة من خلال استغلال البعض لهذه الفجوة للإساءة للأفراد بدعوى الانتساب إلى الهيئة، وحسنا فعل المسئولون بالهيئة مؤخرا عندما ألزموا منسوبيها بحمل وإبراز بطاقة العمل أثناء تأديتهم لأعمالهم. كما أن تقيد منسوبي الهيئة بما نصت عليه الأنظمة وخاصة نظام الإجراءات الجزائية من ضوابط في عملية التوقيف والتفتيش والتحقيق سيعزز مكانة الهيئة وقدرتها في القيام بوظائفها المهمة في حماية المجتمع.

وفيما يلي بعض الأمثلة ذات العلاقة بالحق في الحرية:

أ- الاعتقال الجنائي:

تعرضت عدد من مدن المملكة خلال السنوات الأخيرة لأعمال عنف وإرهاب سقط نتيجتها عدد من الضحايا الأبرياء وكبدت الدولة خسائر مادية وقد وفقت الأجهزة الأمنية بفضل الله، ثم بدعم من ولاة الأمر والمواطنين في إجهاض الكثير من العمليات وتمكنت من تحجيم التنظيم الذي يقف وراء هذه الأعمال التخريبية، وقد ترتب على الإجراءات الأمنية لمواجهة هذا الخطر توقيف أعداد من المواطنين، أوقف بعضهم بالجرم المشهود وأوقف آخرون بسبب شكوك في انتمائهم أو دعمهم للمتورطين. ومن الضروري الحرص على تطبيق ما نصت عليه المادة الثانية من نظام الإجراءات الجزائية من أنه: «لا يجوز القبض على أي إنسان، أو تفتيشه، أو توقيفه أو سجنه إلا في الأحوال المنصوص عليها نظَاماً».

و تجدر الإشارة إلى أنه من بين السبل التي نهجتها الأجهزة المختصة لإعادة المتورطين إلى جادة الطريق، تشكيل لجان المناصحة المكونة من مشايخ وأساتذة في علم نفس، والذين عقدوا لقاءات مطولة مع الموقوفين لبيان ضلال النهج الذي يمنح شرعية لأعمال العنف كما عملت تلك الأجهزة على تقديم المساعدة لأسر الموقوفين مراعاة منها لأحوالهم المعيشية وكان لهذه الأنشطة أثر ايجابي في تخلي الكثير من الموقوفين — حسب ما وصل إلى علم الجمعية- عن أفكارهم الضالة.

إلا أن هذه القضية ومن زاوية حقوقية قد شهدت تجاوزات بحق الموقوفين تمثلت في إبقائهم في السجن فترات تتجاوز المدد النظامية المنصوص عليها في نظام الإجراءات الجزائية. كما أن الجمعية قد خاطبت الوزارة بما تلقته من شكاوى من الموقوفين أو ذويهم بشأن مطالب معينة أو تجاوزات تعرضوا لها في سجون المباحث العامة، وتلقت الجمعية إجابات رسمية من الوزارة بشأن البعض ولكن هناك بعض الاستفسارات لم يرد عليها حتى إعداد هذا التقرير، كما أن الجمعية تأمل قريبا في زيارة سجون المباحث العامة للتأكد من صحة الشكاوى المقدمة من الموقوفين، بعد قيامها بزيارة عدد كبير من السجون العامة. ومن بين الشكاوى التي تلقتها الجمعية من الموقوفين في سجون المباحث العامة الاعتداء بالضرب والتعليق والتلفظ بالإهانات ويعد هذا انتهاك لما نصت عليه المادة الثانية من نظام الإجراءات الجزائية التي تحظر إيذاء المقبوض عليه جسدياً، أو معنوياً وتحظر تعريضه للتعذيب، أو المعاملة المهينة للكرامة، كما وردت شكاوى بخصوص الحجز الانفرادي والحرمان من حق الزيارة.

وتأمل الجمعية أن يمكّن جميع الموقوفين في قضايا أمنية من كافة حقوقهم المنصوص عليها في الأنظمة ذات العلاقة وفي مقدمتها نظام الإجراءات الجزائية، وتطالب الجمعية بإطلاق سراح من انتهت محكوميته أو تجاوز توقيفهم المدة النظامية أو إحالتهم إلى القضاء والتحقيق في الشكاوى المقدمة من الموقوفين من تعرضهم لسوء المعاملة ومعاقبة الفاعلين، ونؤكد في هذا التقرير ضرورة التزام جهات التحقيق كافة بالمدد الزمنية التي ينص عليها نظام الإجراءات الجزائية المتعلقة بإيقاف وسجن المتورطين في هذه القضايا قبل مثولهم أمام القضاء، وكذلك تمكينهم من حق توكيل محامين فور القبض عليهم وتسهيل اتصالهم بهم والتشاور معهم.

والجمعية تقدر التعاون والتفاهم الذي أبدته وزارة الداخلية في العديد من القضايا التي أثارتها الجمعية معها، ونلاحظ أن الوزارة قد تجاوبت مع الطلبات الموجهة في هذا الشأن وبدأت مؤخرا في توجيه منسوبيها للتقيد بنصوص نظام الإجراءات الجزائية وما تتضمنه من حقوق للموقوفين مع مراعاة المسؤولية الملقاة على عاتق الوزارة للحفاظ على أمن المجتمع.

ب- الاحتجاز التعسفي:

الاحتجاز التعسفي هو احتجاز شخص بدون مبرر من النظام. وقد نصت المادة التاسعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه: «لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفا»، كما تضمنت المادة الرابعة عشرة من الميثاق العربي لحقوق الإنسان نصا بعدم جواز الاعتقال التعسفي. ومع ذلك رصدت الجمعية لجوء بعض أفراد الشرطة إلى وضع أفراد في الحجز دون أن يكون لذلك مبرر من النظام، بسبب أمور شخصية أو بسبب سوء فهم للأنظمة المعنية ولاسيما نظام الإجراءات الجزائية. كما رصد أن بعض منسوبي الأجهزة الأمنية (المرور، الشرطة) يسيئون استخدام سلطاتهم بالتهديد بالسجن عند وقوع أي مخالفة مهما كانت بسيطة كوسيلة للضغط والتخويف، وتتحمل الأجهزة المعنية مسئولية في التنبيه على وقف هذه المخالفات ومعاقبة مرتكبيها.

ج- حرية التنقل والسفر:

نصت الفقرتان (1و2) من المادة (13) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه: «لكل فرد حق فيحرية التنقل وفى اختيار محل إقامة داخل حدود الدولة. ولكل فرد حق في مغادرةأي بلد بما في ذلك بلده، وفى العودة إلى بلده»، كما نصت على ذلك الحق وبنفس هذه العبارات المادة 5 (د) من اتفاقية مناهضة التعذيب. واشتمل الميثاق العربي لحقوق الإنسان على نص يؤكد حق المواطن في حرية التنقل حيث نصت المادة (21) على أنه: «لا يجوز بشكل تعسفي أو غير قانوني منع المواطن من مغادرة أي بلد عربي بما في ذلك بلده. أو فرض حظر على إقامته في جهة معينة أو إلزامه بالإقامة في أية جهة من بلده»، ونجد لهذا الحق أصلاً في الشريعة الإسلامية استناداً إلى قوله تعالى: ﮋﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰﮊ[الملك:15].

ومن حق الدولة تنظيم هذا الحق، بما يكفل تحقيق الصالح العام، وبناء على ضوابط موضوعية، ولا يوجد في المملكة ما يمنع التنقل بين المدن الداخلية خاصة للرجال، أما للنساء فإن التنقل بين المدن أو السفر داخل المملكة برا يتم عند توفر محرم أو ولي أمر معها. ويشترط نظام الجوازات للمرأة عند السفر خارج البلاد إذنا كتابيا من ولى أمرها أو من بعض الجهات الحكومية. ويمنع سفر من لم يبلغ سن الواحدة والعشرين خارج البلاد دون إذن كتابي من ولي أمره، وذلك رغم أن سن الرشد بالمملكة هو ثمانية عشر عاماً.

ورصدت الجمعية وجود قوائم بأسماء مواطنين ممنوعين من السفر، وهناك عدة جهات يمكن أن تمنع من السفر, مما يستوجب حصر المنع من السفر في الجهات القضائية ولمدة محددة يخطر بها أصحاب الشأن أو يكفل لهم حق التظلم أمام القضاء من قرارات المنع من السفر إذا صدرت من السلطة التنفيذية.

ورغم التقدم الذي حدث بالسماح للمقيمين بالتنقل بحرية داخل البلاد دون إذن من الكفيل، إلا أن بعض الكفلاء يمنعون مكفوليهم من السفر إلى خارج المملكة بحجز جواز سفرهم لديه، وعدم السماح لهم بالسفر إلا بإذنه، وقد استخدمت هذه الوسيلة للضغط على المكفولين في بعض الحالات لإجبارهم على التنازل عن حقوقهم أو تسوية الأمور وفقاً لما يراه الكفيل.

يتبع







التوقيع

اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي

رد مع اقتباس