عرض مشاركة واحدة
   
قديم 11-12-2011, 12:13 PM رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
عضو جديد

إحصائية العضو






يحيى بحر is on a distinguished road

 

يحيى بحر غير متواجد حالياً

 


كاتب الموضوع : يحيى بحر المنتدى : قوافل الإسلام العام
افتراضي رد: الهجرة أسرار وأنوار

نصرة الله تعالى لرسوله

ونحن في أيام هجرة رسول الله يقف العبد المؤمن لينظر فضل الله وإنعام الله وإكرام الله لسيدنا رسول الله على من عاداه وتلك سنة لا تتخلف فيمن بعده من المؤمنين والمؤمنات إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فنحن نأخذ من الهجرة عظة وعبرة وهي أن من توكل على الله كفاه، ومن استعان بالله أعانه وقواه، ومن انتصر بالله نصره على من عاداه ولو كانوا جميعاً وهو بمفرده ولو كان معهم كل أنواع المعدات والأسلحة وليس معه إلا الثقة بربه والاتكال على صنعه وهو ولي المؤمنين فاسمعوا إلى قول الله معبراً عن هذه الحقيقة يقول سبحانه{إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ}أي إذا كنتم تركتموه وخذلتموه وتخليتم عنه لكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً فمن اعتز بالله لو تجمع له أو حوله كل أركان الوجود علواً وسفلاً فلن يستطيعوا أن يضروه بشئ لأن الله يحفظه وينصره ويعينه ويكفيه والنصر كما قال الله {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ} فالنصر ليس بالقوة ولا بالسلاح ولا بالرجال وإنما بالله لأنه خير الناصرين كان رسول الله قبل الهجرة بزمن قصير ذهب إلى بيت المقدس في بلاد الشام، وصعد بعدما اجتمع بالأنبياء والمرسلين إلى السموات سماء تلو سماء، وبين السماء والأرض كما قال مسيرة خمسمائة عام، وعرض كل سماء مسيرة خمسمائة عام، وبين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام قطع كل هذه المسافات واخترق السموات السبع والعرش والكرسي ودخل الجنة وشاهد ما أعده الله فيها للمؤمنين ورأى النار وما جهز الله فيها للكافرين والعصاة والمذنبين ثم أذن الله له فشاهد جماله السرمدي وسمع كلامه القدسي وجاء حوار طويل بينه وبين رب العالمين يقول فيه الله في كلامه الكريم{فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى } وبعد ذلك رجع وفراشه الذي كان ينام عليه لم يبرد بعد ما زال ساخناً ودافئاً كل هذه المسافات قطعها في أقل من لمح البصر فكان الوضع الطبيعي لنا جميعاً والذي يستدعي العجب منا أجمعين لماذا لم ينتقل من مكة إلى المدينة في طرفة عين كما فعل في هذه الرحلة؟لماذا لم يضع رجله من بيته في مكة إلى مستقره في المدينة ليرتاح من عناء السفر ومن مطاردة الكافرين ومن السير في وعثاء الحر بين الصخور والرمال والجبال؟من أجل يكون لنا فيه الأسوة والقدوة{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }لأنه لو قطعها في خطوة واحدة لكان كل واحد فينا عندما تحصل له شدة أو مأزق أو أزمة يقول لست كرسول الله في طرفة عين كان هناك أصبح هنا ولكن جعله الله أسوة لنا أجمعين في الأخذ بالأسباب من أجل أن نعرف ونتأكد ونتيقن أن الذي يكون اعتماده على الله لابد أن يثق كل الثقة في تأييد الله وفي نصر الله مهما كان عدد أعدائه وعدتهم لأنه منتصر بالله هذه هي الحكمة يا إخواني في سيره فقد تجمع الكفار وقالوا لم يعد لنا مع هذا الرجل إلاأمراً واحداً نقتله ونستريح منه وكيف نقتله وعائلته كبيرة؟فقالوا:نأخذ من كل قبيلة شاباً فتياً قوياً وأن يذهبوا ويتجمعوا حول منزله فإذا خرج نزلوا عليه بسيوفهم جميعاً فيتفرق دمه في القبائل فلا يستطيع أهله أن يطالبون بثأره وإذا أفلت من هذه الجماعة فإن لمكة إثنى عشر طريقاً للخارج منها أو للداخل إليها فجعلوا على كل طريق فريق مستعد جاهز بالعتاد والسلاح حتى إذا خرج من بينهم ولم تلحقه سيوف المحاصرين تأخذه سيوف المتربصين على أي طريق سيخرج منه لأنه لابد أن يخرج من هذه الطرق فليس لمكة غير الإثنى عشر طريقاً هذه. ماذا صنع له الله؟ وهو عبداً لله ومتوكل على مولاه خرج من بينهم وهم يتكلمون ويقولون لبعضهم: إن محمداً زعم أن الله سينصره وأنه سيكون له جبال وحدائق وجناين مثل التي توجد في بلاد الشام وفي بلاد العراق فخرج عليهم وقال: نعم أنا أقول هذا أخذ الله أسماعهم فلم يسمعوه يسمعون بعضهم ولكنهم لا يسمعونه عناية من الله لحبيبه ومصطفاه يسمعون كلامهم مع بعضهم لكن لا يسمعون كلام النبي الذي قاله لهم يرون بعضهم ولكنهم لا يروا حبيب الله ومصطفاه وزاد على ذلك فأخذ حفنة من التراب بيده ومر عليهم جميعاً ووضع على رأس كل رجل منهم حفنة من التراب ما السلاح الذي كان معه؟ السلاح الذي كان معه سلاح لا يوجد في أمريكا ولا في روسيا ولا في ألمانيا ولا في اليابان وإنما يوجد في مصانع القرآن ما المصنع الذي أنتج هذا السلاح؟ {يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} جلس يقرأ هذا السلاح حتى وصل إلى قول الله {فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ} أي سلاح بالدنيا في هذا الوقت؟ وفي أي دولة من دول العالم يستطيع أن يجعل الواحد يقف في وسط أعدائه ولا يرونه؟ لا يوجد إلا سلاح {فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ} وأين يوجد؟ يوجد في كتاب الله وفي كلام الله ومع المؤمنين والمؤمنات أجمعين إلى يوم الدين كل واحد يستطيع أن يستخدمه في وقت الشدة وفي وقت الأزمة وفي وقت النكبة ويصلح الله به شأنه وينصره به على أعدائه فخرج من طرق مكة وأيضاً لم يره المتربصون إلى أن وصل إلى الغار وحماه الله في الغار كما قال في قرآنه{بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا} جنود لا يصدق أحداً أبداً أنها أصبحت في ميدان القتال حمامة وعنكبوت وشجرة قصيرة ضعيفة من شجيرات الصحراء هي التي حمت سيد الأنبياء من مكر وكيد الأعداء من أجل ماذا يا إخواني من أجل أن نعلم علم اليقين أن الله إذا أراد نصر عبد اعتمد عليه نصره ولو بأضعف مخلوقاته ولو بأقل كائناته ليس فرضاً أن ينصره بالملائكة وما أكثرهم عند الله أو ينصره بالرياح وما أشدها وأعتاها إذا أرسلها الله ولا أن ينصره بالماء يتفجر من الأرض أو ينزل من السماء جنود يقول فيها الرب المعبود{وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ}فالذي يعتمد على الله لا يحدد السلاح الذي ينصره الله به لأن الله ينصر من يشاء بلا جند أو عتاد وهو إذا أراد نصره بأضعف الأشياء وتلك سنة الله مع الأنبياء والمرسلين والصالحين والمؤمنين في كل وقت وحين. فالعنكبوت حيوان ضعيف وربنا نفسه قال في شأنه{وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }لكن هذا الحيوان الضعيف والحشرة الصغيرة التي ليس لها أجنحة نصرت نبي الله داود ونصرت نبي الله محمد فسيدنا داود لما انتصر على جالوت وأخذ يجري وراءه ليقتله دخل واختبأ في الغار فأرسل الله عليه عنكبوتاً نسج على باب الغار فلما جاء جالوت ومن معه وقال بعضهم لقد اختبأ في هذا الغار قال جالوت كيف دخله ولم يقطع نسج العنكبوت ونسج العنكبوت يغطي الباب كله؟ ولا يعلم أن الله كما يقول في شأن الماكرين والمنافقين والمشركين{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}ويمكرون يعني(يدبرون)هم يفكرون ويدبرون وربنا يدبر ومن تدبيره أكبر؟ تدبير الله أكبر هو نفس العنكبوت الذي نسج على باب الغار بعد أن دخله النبي المختار ولذلك يقول{العنكبوت جند من جنود الله }من أجل أن يعلم المؤمن علم اليقين أن الله ينصر عبده المؤمن بأضعف شئ وبأقل شئ ما دام قد اتجه إلى حماه واعتمد على نصر الله وطلب التدخل السريع من فرق الإنقاذ الإلهية التي جعلها الله نصرة لعباده المؤمنين والمؤمنات أشياء كثيرة لا أريد أن أطيل عليكم بذكرها قال النبى{لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ ولكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ}[1]وقال{المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسانِهِ وَيَدهِ والمؤمن من آمن جاره بوائقه والمهاجِرُ مَن هَجرَ ما نَهى اللّهُ عنه}[2]وفي هذا الشهر الكريم وفي يوم العاشر منه وهو يوم عاشوراء كان أيضاً فيه نصر السماء ملازماً للأنبياء بأضعف الأشياء فهذا فرعون يخرج بجنده وكان عددهم كما تخبر بعض الروايات قد يزيد عن المليون جندي مع عتادهم ومع أسلحتهم وموسى ليس معه إلا قومه وهم مستضعفون ليس معهم أسلحة كافية ولا عدة كافية لكن نصره الله في هذا الموقف كيف نصره الله؟ عندما وصل إلى اليم - إلى البحر الأحمر - وسار ومن معه وقد رأوا فرعون مقبلاً بجنده قالوا{إِنَّا لَمُدْرَكُونَ}الأعداء خلفنا قال لهم: لا تخافوا{قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}الذي معه الله لا يخاف ولو تجمعت حوله كل الأعداء وكل المعدات وكل المقذوفات الجهنميات إلا أن عناية الله ووقاية الله تغني عن كل هذه الأشياء. ما السلاح الذي نصره به الله؟قال له الله: اضرب بعصاك البحر فضرب البحر بعصاه فظهر فيها اثنا عشر طريقاً لأنهم كانوا اثنا عشر قبيلة كل قبيلة تمشي في طريق والبحر قاعه من أسفل به ماء وطين كيف يمشون على الطين؟ لكن الله بقدرته وعظمته جعل الطين جافاً ويابساً {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً} يبساً يعني (ناشفاً) يمشون عليه وهم مطمئنون وبين كل طريق وطريق جمد الله الماء وجعله جداراً من الماء حاجزاً بينهم فقالوا: يا موسى نريد أن نراهم ونكلمهم فأوحى الله إليه أن يضرب الماء فضرب الماء فصارت في جدران الماء نوافذ يرون منها بعضهم ويكلمون منها إخوانهم وهم سائرون في البحر حتى عبروا إلى الجهة الأخرى وكان آخر رجل من قوم موسى يخرج مع آخر رجل من قوم فرعون ينزل إلى الماء فضرب البحر بعصاه مرة أخرى فعاد البحر كما كان، وبذا أخرجهم الله أجمعين عناية من الله ولما هاجر سيدنا رسول الله من مكة إلى المدينة وجد اليهود يصومون يوم العاشر من شهر الله المحرم فسألهم وهو أعلم لماذا تصومون هذا اليوم؟ فقالوا: هذا اليوم الذي نجا الله فيه موسى ونصره على فرعون وقومه فقال{ نَحْنُ أوْلَى بِمُوسَى مِنْكُم}[3]وصامه وأمر بصيامه وقال في شأنه{صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيةَ}[4]ولما قال اليهود:ما وجد محمد شيئاً مما نعمله إلا عمله خالف هو وأصحابه عملهم وقال{لَئِنْ بَقِيتُ إِلَىٰ قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ والعاشر}[5]فصوموا هذه الأيام يغفر الله لكم ذنوب سنة بعمل يسير يسره الله علينا ندعو الله في هذا اليوم فإن الدعاء فيه مستجاب. فقد استجاب الله فيه لموسى ونصره على فرعون وقومه واستجاب الله فيه لآدم فتلقى فيه من ربه كلمات تاب بها إلى الله فتاب الله عليه



[1] متفق عليه.


[2] متفق عليه.


[3] عن ابن عباس، سنن أبى داوود وكثير غيرها


[4] رواه البيهقي في سننه عن أبي قتادة.


[5] رواه البيهقي في سننه وابن أبي الجعد في سننه عن ابن عباس.







رد مع اقتباس